مدينة عربية تقع على الساحل الشرقي للبحر المتوسط وتعتبر نافذة فلسطين الرئيسة على البحر المتوسط وإحدى بواباتها الهامة وقد كانت تلعب دوراً كبيراً وهاما في ربط فلسطين بالعالم الخارجي من حيث وقوعها كمحطة رئيسية تتلاقى فيها بضائع الشرق والغرب وجسرا للقوافل التجارية ويعد ميناء يافا فلسطين الأول من حيث القدم والأهمية التجارية والاقتصادية .
تقع يافا على البحر الأبيض المتوسط إلى الجنوب من مصب نهر العوجا على بعد 7كم وإلى الشمال الغربي من مدينة القدس على بعد 60كم وكلمة يافا هي تحريف لكلمة يافي الكنعانية وتعني جميلة ، أطلق اليونانيون عليها اسم (جوبي) وذكرها الفرنجة باسم (جافا ) ، يشكل تاريخ يافا تصويراً حيا لتاريخ فلسطين عبرالعصور ، فتاريخها يمتد إلى (4000ق.م) بناها الكنعانيون وكانت مملكة بحد ذاتها وغزاها الفراعنة والآشوريون والبابليون والفرس واليونان والرومن ، ثم فتحها القائد الاسلامي عمرو بن العاص وخضعت لكل المماليك الاسلامية إلى ان احتلها الأتراك ثم الانتداب البريطاني وبعده نكبة 1948 واحتلال الصهاينة لها وتشريد غالبية سكانها ، بلغت مساحة يافا حوالي 17510 دونمات وقدر عدد سكانها عام 1922 حوالي (47709) نسمة وفي عام 1945 حوالي (66310) نسمة وفي عام 1947 (72000) نسمة وضمت سبعة أحياء رئيسية هي :
البلدة القديمة، حي المنشية ، حي العجمي ، حي ارشيد، حي النزهة، حي الجبلية وهي هريش (اهريش ) احتلت مدينة يافا مركزاً هاما في التجارة الداخلية والخارجية بفضل وجود ميناؤها ، كما قامت بها عدة صناعات أهمها :
صناعة البلاط والأسمنت والسجائر والورق والزجاج وسكب الحديد والملابس والنسيج وكانت أيضاً مركزاً متقدما في صيد الأسماك . وكانت مدينة يافا مركزاً للنشاط الثقافي والأدبي في فلسطين حيث صدرت فيها معظم الصحف والمجلات الفلسطينية . وبلغت مدارس يافا قبل 1948 (47) مدرسة منها (17) للبنين و11 للبنات و19 مختلطة وكان فيهاأيضا ستة أسواق رئيسية متنوعة وعامرة وكان بها أربعة مستشفيات ، حوالي 12 جامعاً عدا الجوامع المقامة في السكنات , وبها عشرة كنائس وثلاث أديرة . لعبت مدينة يافا دوراً مميزاً ورياديا في الحركة الوطنية ومقاومة المحتل البريطاني من جهة والصهاينة من جهة أخرى . فمنها انطلقت ثورة 1920 وقد شهدت يافا بعد قرار التقسيم معارك دامية بين المجاهدين وحامية يافا من جهة والصهاينة من جهة أخرى .
وبعد سقوط المدينة واقتحامها من قبل الصهاينة في 15/5/1948 جمع الصهاينة أهالي يافا في حي العجمي وأحاطوه بالأسلاك الشائكة وجعلوا الخروج منه والدخول إليه بتصريح من الحكم الصهيوني وقد بلغ عدد سكان يافا في 1948 حوالي 3651 نسمة وفي عام 1965 أصبحوا حوالي (10000) نسمة ويقدر عددهم حاليا أكثر من 20000 نسمة .
الدولة العثمانية : بعد إنهيار الحكم المملوكي ، دخلت كل من مصر وبلاد الشام ، بما فيها فلسطين في عهد الدولة العثمانية . وفي مطلع ذي القعدة عام 922 هـ ، كانون الأول ، ( ديسمبر ) 1517 م استسلمت المدن الرئيسية في فلسطين ، ومنها يافا ، والقدس ، وصفد ، ونابلس للدولة العثمانية دون مقاومة . كما امتد السلطان العثماني إلى جميع أقطار الوطن العربي . ومن الجدير بالذكر أن العرب كانوا يعتبرون الدولة العثمانية إمتداداً للدولة الإسلامية التي ورثت الخلافة الإسلامية ، وقضت على الدولة البيزنطية . ومن مميزات العهد العثماني أنه أبقى على وحدة الأقطار العربية ، وعلى العلاقات الطبيعية بينها ، إذ تشير الأدلة إلى وجود علاقات تجارية وثقافية وثيقة بين مصر وبلاد الشام عامة ، ومصر وفلسطين خاصة ، حيث وجد في مصر حرفيون فلسطينيون ينتمون إلى جميع المناطق الفلسطينية ، منهم اليافي ، والغزي ، والنابلسي ، والخليلي ، وغيرهم .
- الانتداب البريطاني : بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ، وهزيمة الدولة العثمانية ، دخلت فلسطين في عهد جديد ، هو عهد الإستعمار البريطاني ، الذي عرف ب"الانتداب البريطاني" على فلسطين ، حيث ابتدأ بوضع فلسطين تحت الإدارة العسكرية البريطانية من سنة 1917-1920م ، وفي تموز 1920 م ، وقبل أن يقر مجلس عصبة الأمم صك الانتداب ، الذي كانت ستحكم فيه فلسطين ، بحوالي عامين ، حولت الحكومة البريطانية الإدارة العسكرية في فلسطين إلى إدارة مدنية ، وسبقت الحوادث ، ووضعت صك الانتداب موضع التنفيذ قبل إقراره رسمياً ، وعينت السير "هربرت صموئيل" اليهودي البريطاني "أول مندوب سامي في فلسطين" . وقد اختلف هذا العهد عن جميع العهود السابقة التي مرت بها المسيرة التاريخية للمدينة ، فقد طغت الأحداث السياسية في هذا العهد 1917- 1948 م على جوانب الحياة الأخرى للمدينة ، كما تميز هذا العهد بتنفيذ المخطط الصهيوني الاستعماري في فلسطين .
الكفاح المسلح : ومع تطور الأحداث والصدامات المسلحة ، أصبح الكفاح المسلح هو الوسيلة الوحيدة للدفاع عن الحقوق . وقد أعلن الشيخ عز الدين القسام ، الثورة المسلحة ضد اليهود والاستعمار البريطاني في فلسطين . وقد ألهب هذا الإعلان مشاعر المواطنين الفلسطينيين في كل مكان ، وانتشرت روح الجهاد ضد الاستعمار ، واقتنع الجميع بأن الكفاح المسلح هو الأسلوب الوحيد لحماية الوطن .
ثم استشهد الشيخ عز الدين القسام في 19/11/1935 ، وكان ذلك بمثابة إعلان الثورة . ومن ناحية أخرى فرض المندوب السامي البريطاني في فلسطين قوانين الطوارئ ، كما فرض نظام منع التجول على مدينتي يافا وتل أبيب ، بعد الأحداث الدامية التي شهدتها يافا ومناطق أخرى من فلسطين بين العرب واليهود في نيسان (إبريل) 1936 م ، غير أن هذه الإجراءات لم تحل دون تأجج نار الثورة ، حيث حدثت عدة مصادمات بين العرب والجنود البريطانيين في يافا إحتجاجاً على وضع مساجد المدينة تحت الاشراف المباشر للسلطات البريطانية .
ونتيجة لتلك الأحداث التي انتشرت في يافا وفي معظم المدن الفلسطينية ، اجتمع زعماء يافا في مكتب لجنة مؤتمر الشباب ، وشكلوا لجنة قومية ، وقرروا الإضراب العام تعبيراً عن سخط الشعب الفلسطيني ومعارضته للهجرة اليهودية ، وشجبه للسياسة البريطانية الغاشمة في فلسطين . كما انتخبوا لجنة قومية للإشراف على الإضراب ، وقد استجابت لهذا الإضراب وأيدته ، وشاركت فيه هيئات عديدة من أنحاء فلسطين . وقبيل الحرب العالمية الثانية ، والظروف التي واكبتها ، توقفت الثورة الفلسطينية المسلحة مرة أخرى في أيلول (سبتمبر) عام 1939م ، لكنها ظلت كامنة في نفوس المواطنين .
وعندما حل عام 1947 م ، وعلى أثر إعلان قرار تقسيم فلسطين ، عادت الثورة المسلحة للظهور ، وحدثت عدة مصادمات وعمليات عسكرية في معظم أنحاء فلسطين . ويمكن حصر أبرزها في مدينة يافا على النحو التالي : بعد قرار التقسيم بأسبوع واحد ، نشبت معركة بين العرب واليهود في حي "تل الريش" شرق المدينة ، حيث استطاع المناضلون العرب إقتحام مستعمرة "حولون" المجاورة ، وفي مطلع شهر كانون الأول (ديسمبر) من 1947م قام اليهود بهجوم كبير على حي "أبو كبير" وقتلوا عدداً من المواطنين .
وفي 4 كانون الثاني (يناير) عام 1948 م ، قام اليهود بعمل إجرامي كبير ، حيث نسفوا "سرايا الحكومة" في وسط المدينة ، والتي كانت مقراً لدائرة الشؤون الاجتماعية ، بواسطة سيارة ملغومة ، وسقط عدد كبير من القتلى والجرحى . وفي 15 /5/1948 انسحبت القوات البريطانية من المدينة ، ودخلت القوات اليهودية الصهيونية وعلى رأسها عصابات الهاجانة المدينة وأعملت السلب والنهب والإستيلاء على ما تجده ، بعد هزيمة المجاهدين والمدافعين عن يافا .
معالم المدينة واحيائها .
يوجد في مدينة يافا العديد من المعالم التاريخية التي تشير إلى تراثها العربي الأصيل ، رغم تعرضها في مسيرتها الحضارية الطويلة إلى التخريب والتدمير مرات عديدة .
ضمت مدينة يافا سبعة أحياء وهي :
1. البلدة القديمة : ومن أقسامها الطابية والقلعة والنقيب .
2. المنشية : وتقع في الجهة الشمالية من يافا .
3. ارشيد : وتقع جنوب حي المنشية .
4. العجمي : وتقع في الجنوب من يافا .
5. الجبلية : وتقع جنوب حي العجمي .
6. هرميش "اهرميتي" : وتقع في الجهة الشمالية من حي العجمي .
7. النزهة : وتقع شرق يافا وتعرف بإسم "الرياض" وهي أحدث أحياء يافا .
وهناك أحياء صغيرة تعرف باسم "السكنات" ومنها "سكنة درويش" و"سكنة العرابنة" و"سكنة أبو كبير" و"سكنة السيل" و"سكنة تركي" . ومن أبرز شوارع مدينة يافا شارع اسكندر عوض التجاري ، وشارع جمال باشا ، وشارع النزهة .
ومن أبرز معالم المدينة :
المسجد الكبير أو مسجد المحمودية الكبير أو جامع يافا الكبير : ويقع المسجد في البلدة القديمة ، ويتكون من دورين ، ويمتاز بضخامته ويوجد بجواره سبيل ماء يعرف بسبيل المحمودية أو سبيل ماء سليمان باشا .
مسجد حسن بك : يقع مسجد حسن بك في حي المنشية ، وهو يُعتبر الأثر المعماري الإسلامي والعربي الوحيد في الحي ، بعد أن قام الاحتلال الإسرائيلي بهدم الحي بأكمله .
كنيسة القلعة : من أقدم الآثار المعمارية في المدينة القديمة ويوجد بجوارها دير . والكنيسة والدير تابعة لطائفة الكاثوليك . وهي من المعالم البارزة والمُميزة في "تل يافا" أو "تل البلدة القديمة" ، ويمكن مُشاهدتها من مسافات بعيدة .
تل جريشة : وتقع شمال المدينة ، وهي منطقة تشرف على نهر الجريشة ، ويؤمها السكان في الأعياد والإجازات ، وتمتاز بموقعها الجميل الذي تحيط به الأشجار .
تل الريش : تل يقع شرق المدينة ، يبلغ ارتفاعه نحو 40 قدماً ، وتحيط به بيارات الُبرتقال ، والمباني الحديثة .
البصة : وهي أرض منخفضة ، في موقع متوسط شرق المدينة ، بها خزانات للمياه العذبة ، وبها الملعب الرياضي الرئيس للمدينة ، حيث تقام المهرجانات الرياضية للمدينة .
ساحة الساعة : أو "ساحة الشهداء" في وسط المدينة ، وبجوارها "سراي" الحكومة والجامع الكبير ، والبنوك ، وتتصل بالطرق الرئيسية للمدينة ، ويقوم وسطها برج كبير يحمل ساعة كبيرة . وقد شهدت هذه الساحة المظاهرات الوطنية والتجمعات الشعبية ضد الاستعمار والصهيونية ، وعلى أرضها سقط العديد من الشهداء .
ساحة العيد : وهي جزء من المقبرة القديمة ، حيث تقام الأعياد والاحتفالات في المواسم والمناسبات .
الحمامات القديمة : وهي التي تعرف بالحمام التركي ، وهي قديمة العهد في المدينة وكان أشهرها يقع في المدينة القديمة .