عيد الحب.. عيد لأسمى المشاعر الإنسانية وإن رفضه الكثير من القوم، ربما يرفضه البعض لأنه يقلل من خشونة سلطتهم الدنيوية.. سلطة العمل .. سلطة المال .. سلطة الأب على أبنائه ..
في نقاش لذيذ مستمر مختلف الأمكنة، وكلما اقتربت هذه المناسبة (التي لم تكن في ثقافتنا من قبل) ينبري طرفان للدفاع عن أو الهجوم على المناسبة.. و أول كلمة تخرج بالطبع : حرام .. هذه الكلمة المطاطة التي يُسيطر بها على عقولنا باستمرار. وباتت لا تُستخدم في توضح ما حرّم الله وحلل لعباده بقدر ما هي سيف مُسلطٌ أمام الرأي الآخر إن تعارض مع حراّس العُرف والعادات والدين. باتت هذه الكلمة تتحول منذ زمن بعيد من منقح يدفع للصواب .. إلى قيد وأغلال تعيق الكثيرين عن التعبير عن رأيهم.
من المثير للإعجاب أن يأتي البعض هاتفا للحريات المدنية و(الديمكراتية) وعلى أول مفترق طرقات نقاشي يستل خنجر الحرام والحلال ! قد لا نختلف كثيرا عن الأصل التاريخي لمناسبة عيد الحب، ولا نختلف كثيرا حول دخولها علينا أو استجلابنا لها إلى ثقافتنا.. ولكن ضمن المجتمع المدني الواحد : الجميع يطالب بحرية الرأي و الديمقراطية، الجميع دون استثناء حتى الاسلامويين، يا هل ترى من الصواب حينئذ أن نُطالب بالحرية ثم نقول : عيد الحب حرام .. ممنوع .. الخ !! من حق كل إنسان ممارسة حياته كيفما يشاء ضمن الضوابط المجتمعية التي تُلزمه بعدم التعكير والاعتداء على حرية الآخرين. بالتالي : ليس من الصواب أن نقول : هذا حرام لأننا نختلف معه بالرأي .. ويبقى الرفض والقبول حرية شخصية لمواطن يعيش في بلد يُطالب أهله بالحريات المدنية وحقوق التعبير عن الرأي الخ ... و لمن يخشى على سلطته عليه أن يمارس الديمقراطية وإلا : فليقبل كل مظاهر النسلط والقمعية.
في فلسطين يختلف الحب في يومه،نمت ليلا وأنا أظن الصباح مختلفا: فلربما تبادلنا حكومة نتنياهو الحب و تسلمنا مفاتيح القدس والدولة، ولربما تذوب في قلوبنا عشقا قيادات حماس فنعود للوحدة الوطنية !! أو ربما تحن إلى أحضاننا حكومتنا العتيدة فتنتبه إلى الأسعار الخيالية والظروف المعنوية التي نمر بها إثر الإخفاقات المتتالية .. توقعت أن أجد الصباح مختلفا يستقبلني فيه سائق الأجرة بالمعانقة دون الاشتكاء من الناس والحياة .. ولكن الواقع مختلف .. وعلى رأي أحدهم :وضعنا مختلف، فحماس بكل الحب (ترفض) الانتخابات، و الدكتور سلام فياض في صباح يوم الحب يُقدم للرئيس مغلفا أحمر اللون يحوي الاستقالة، والرئيس يكلفه بالثالثة. شباب رام الله بعضهم يتجول أحمر الهندام، وصبايا وعذراوات الطيرة يتجولن في رُكب بالورد الأحمر.. والمُذيع السابق فاقد البصر يصرخ باستمرار : أهوي أهوي .. وما من مجيب!
انقسام مستمر، وحلم يضيع. جو خانق من الكراهية والعدائية والتحفز، وشعب يتململ. سيدي الشعب : بحبك موت وستبقى منقسما على بعضك .. سيدي الشعب : بموت فيك .. وبحبك موت كل العالم ( وأنت محتل).لأنك محتل .. لأنهم يريدونك محتلا... بحبك موت ولأنني أحبك :: سأغازل حماس برفض الظلم، وأذوب في عشق الحكومة برفض الأداء واعلان الاحتجاج على الغلاء والتقصير.. بحبك موت وأنا اذوب في حنان المطالبة بالحرية من الاحتلال.. بحبك موت يا شعوبة وأنت محاصر بكل شيء إلا الحرية والتوحد.. بحبك يا شعب .. وتصفيق حاد لروعة الأجواء الرومانسية المحيطة بكل عاشق وهابي فالنتاين للأرض المحتلة .