حـــب الأمــوات....
في يوم من الايام كانت فتاة فايعة شابة ذات جمال وعيون ساحرة تخطف انظار الشبان .، فكانت جالسة في غرفة الجلوس
تشاهد التلفاز , فسمعت صوت أقدام خلف نافذة الغرفة , فا ارتعبت كثيرا , فكان الوقت متأخرا ووحيدة , فقررت أن ترى من خارج المنزل, فمشت على أطراف أصابع قدميها خلسة , فلم ترى احدا .. فقالت في داخلها ربما أتخيل شيئا ما ؟ . فرجعت الى غرفة الجلوس تنظرالى برامج التلفاز ...
في اليوم الثاني : كانت جالسة تحت شجرة الليمون في باحة المنزل , تسمع موسيقى من آلة التسجيل , فسمعت أحدا يتألم بصوت منخفض ,فمشت قليلا حتى رأت شابا يختبيء خلف البيت جالسا يتألم , فوقفت أمامه وكان الوقت متأخرا ومعتما ، فجاء ناحيتها يمشي .. فخافت كثيرا ,فقالت له : من أنت ؟ فقال لها : لا تخافي انا لست من هنا أرجوكي ساعديني , لن أؤذيكي , لا تخافي مني ! ... فعندما تقدم نحوها رأت وجهه شاحبا لا دماء فيه كالاموات , وكان ينزف من كتفه .. فقالت له : من انت ؟ ومن الذي فعل بك هذا ؟ فقال لها: لا تخافي , انا شاب كنت حيا فتشاجرت مع مجموعة من الشبان فطعنت عدة طعنات في خاصرتي وكتفي ومت على الفور لم ينقذني احد , وبقيت مسطحا على قارعة الطريق , حتى احسست أن روحي خرجت من جسدي , فوجدت نفسي في مكان مظلم , وضيق جدا ومعفرا بالتراب ..ونهضت من هذا المكان فوجدت نفسي في مقبرة كبيرة مظلمة .. فمشيت أتخطى جروحي وأبكي على ما جرى لي .. فعندما يأتي النهار أرجع الي مكاني في القبر حتى يلوح الليل على تلك المقبرة أنهض وأمشي هنا وهناك . الى أين أذهب ؟ لا أحد لي ؟ لا صديق ولا حبييب ! ..
فعجبي ! كيف لي العيش بعد موتي .. لا أستطيع العيش مع الادميين الاحياء ؟ بل بين القبور والاموات ! .. عندما سمعت قصته الغريبة أنجذبت اليه وحزنت كثيرا لانه ليس من الاحياء ..فتقدمت نحوه وأمسكت بيده فوجدتها باردة كالثلج .. فقلت له : يداك باردتان ؟ هل أحضر لك شيئا ساخنا كي تشربه ويرجع الدفء الى يديك ؟ فضحك وقال : لا اشرب ولا آكل .. لست حيا .. وهكذا جسدي يبقى باردا .. فأنا من الاموات ..لا تعجبي من كلامي هذه حقيقتي .. فقالت له : حسنا ..
لكن هل تأتي الى منزلي وتأخد قسطا من الراحة .. فقال لها: حسنا يا فتاة ..
فجلس على كرسي وقال : دعيني أمكث غدا صباحا في بيتك ،فقالت له البيت بيتك , فقال لها لا استطيع ان اخرج نهارا بل ليلا , فالعيون في النهار واضحة ربما تراني واكون سخربة لهم ..
بعد ذلك . استلقى على الاريكة , وهي ذهبت الى غرفتها لكي تنام.. ولكن لم تستطع النوم ..فكيف لها النوم وفي بيتها شاب ميت قادم من المقبرة ؟ بقيت تفكر حتى نامت .. لا تعرف كيف ؟
استيقظت صباحا . وذهبت الى جامعتها, وبقيت تفكر في ذلك الشاب الوسيم لكنه شاحبا لا دماء فيه وعيونه جميلة له نظرات ساحرة , وتمنت لو عرفته وهو حي , وبعد ان انتهت محاضراتها. عادت الى بيتها مسرعة لكي تجلس معه وتعرف تفاصيل حياته التي عاشها وكيف يقضي اوقاته في ذلك القبر ؟
عندما عادتالى البيت لم تجده فبقيت تنتظره حتى عاد مساءا . فقالت له : اين ذهبت : فقال لها: ذهبت لكي ارى امي واخوتي الصغار .. لقد اشتقت اليهم كثيرا , منذ الحادثة . سمعتهم يبكون على قبري وانا لا استطيع النهوض لكي اقول لهم اني حي ... فكيف لي ان اقول لهم انا حي ولست منهم .. فخيم علي الصمت وبقيت وحيدا .. لا اريد ان اصدمهم بعد صدمتهم الاولى .. فسالته : هل رأيتهم ؟ فقال : نعم , رايتهم من بعيد ..فبكت عيناي عندما رايتهم ..
فقالت له : هون عليك يا .. ما اسمك ؟ فقال : احمد .. وانتي ؟ : لمى .. فقال لها : اسمك جميل جدا .. فنظر لها نظرة غريبة , أحست بالحب والحزن معا .. فقال لها: اريد ان اتركك الان واذهب الى قبري .. فقالت له لا .. ابقى معي , فانا وحيدة .فودعها وغادر . وكان قلبها وروحها معه غادرن , احست بانها تعرفه منذ زمن .. وغاب عدة ايام , وخافت كثرا عليه ,فخرجت تبحث في المقابر , وعندئذ سمعت اصوات غريبة وضحكا عاليا ، فاذا بثلاثة شبان اشكالهم مرعبة جدا وكانهم من الاموات , فحاولت الهرب ولكن رآها احدهم , واخذ يركض نحوها ويضحك بصوت مخيف ويقول ساقتلك , فصرحت بصوت عال , ابتعد عني لا تقتلني . وكانت تصرخ على احمد .. احمد , فسمع احمد صراخها وجاء مسرعا , لا نقتلها ابتعد عنها يا هذا ؟ فحاول الدفاع عنها وارادوا قتقتلهم , كان كل واحد منهم يحمل سكينا كبيرة , كانوا مجرمين , فحاول احمد صدهم وهربا منهم الي بيتها , فشكرته كثيرا لانه أنقذ حياتها ولكنها تمنت لو تموت حتى تعيش معه حتى لو كان بيتها هو القبر المعتم .. أحست بخوفه عليها ونظراته المليئة بالحب والشوق لها ؟ فقالت له : احبك , فتبسم وقال : وانا ايضا . احبك , فعانقها واخذ قبلة من شفاهها , فاحست بطعم الحياة معه حتى لو كان ميتا ..
وفي صباح اليوم التالي : ذهبت الى جامعتها لكي تقدم امتحانها , وفي الطريق لم تلتفت نحوها فاذا بسيارة مسرعة خلفها ..لا تعرف ماذا حصل , رات نفسها ملقاة على الارض . والناس حولها والدماء تسيل من جبينها , فرأت احمد في خيالها يقول لها : تعالي يا حبيبتي . تعالي الى احضاني .. فنقلتها سيارة الاسعاف الى المشفى ولكن بعد فوات الاوآن ...
فكان أحمد نائم في قبره كعادته في نهار ذلك اليوم , فنهض من نومه وكانه احس بها فقال : لمى .. ماذا حصل لها ؟ فذهب الي بيتها , لم يجدها , وعاد الى قبره حزينا باكيا , وعندما وصل هناك وجدها تنتظره على قبره .
فقال : لمى , كيف حصل هذا ؟ فقالت له : لقد تعرضت لحادث واصبحت مثلك ميتة , لم يستطع الاطباء انقاذي من الموت , وانا الان لك ملكك وبين يديك ,سأعيش معك هنا في هذا القبر , ساكون حبيبتك وحدك انت , احبك , فذرفت دموعه وسالت على خديه وقال : يا الهي ! لا اصدق نفسي .. فعانقني وقبل شفاهي وقال لي : احبك , تعالي بين احضاني , لقد اشتقت اليك ..فالموت احيانا يكون نعمة وليس نقمة ..
أتمني ان تنال اعجابكم